الرئيسية » » نسف قصة غرانيق العلا

نسف قصة غرانيق العلا

نسف قصة غرانيق العلا
ذكر بعض أهل السير أن النبى صلى الله عليه وسلم حينما كان يقرأ سورة النجم وبلغ قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى .. وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى) ألقى الشيطان على لسانه: (تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى) .. فلما علم النبى صلى الله عليه وسلم بذلك حزن حزناً شديداً .. فأنزل الله تعالى عليه قوله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) ..
  [وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ .. لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيد] .. [الحج: 52-53] ..



والرد على تلك القصة الباطلة من وجوه:

أولاً: القصة باطلة من حيث السند ..
 

قال الإمام القاضى عياض: [هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة .. ولا رواه ثقة بسند سليم متصل] .. [الشفا بتعريف حقوق المصطفى] ..


وكذلك ردها الأئمة إبن كثير والشوكانى وإبن حزم وإبن خزيمة سنداً ومتناً ..

وقد قال الإمام إبن حجر أنه قد يكون للقصة أصلاً بمجموع طرقها .. رغم إتفاقه على بطلان القصة ..

وقد رد عليه الدكتور / أبو شهبة بقوله: [إن جمهور المحدثين لم يحتجوا بالمرسل .. وجعلوه من قسم الضعيف .. وقد قرر الإمام مسلم هذه الحقيقة فى مقدمة صحيحه فقال: (والمرسل فى أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة)] إهـ ..

وقال أيضاً: [والقصة لم يخرجها أحد من أصحاب الصحاح ولا أحد من أصحاب الكتب المعتمدة كالسنن الأربعة ومسند أحمد] ..
[السيرة النبوية] ..

وكذلك ردها الشيخ الألبانى فى كتابه (نصب المجانيق) .. (*)

ثانياً: القصة باطلة لإضطراب رواياتها ..
 
فقد ورد فى رواية الإمام البيهقى عن موسى إبن عقبة أن المسلمين لم يسمعوا هذه الكلمات من رسول الله صلى الله عليه وسلم .. بل سمعها المشركون فقط .. وأن الشيطان هو الذى حدث المشركين بها .. فيقول:
[وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد إشتد عليه ما ناله هو وأصحابه من أذاهم وتكذيبهم وأحزنته ضلالتهم وكان يتمنى هداهم .. فلما أنزل الله عز وجل سورة النجم قال: (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) ألقى الشيطان عندها كلمات حين ذكر الله عز وجل آخر الطواغيت فقال: (وإنهن الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لهى التى ترتجى) .. وكان ذلك من سجع الشيطان وفتنته .. فوقعت هاتان الكلمتان فى قلب كل مشرك بمكة .. وزلت بها ألسنتهم وتباشروا بها .. وقالوا: إن محمداً قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه .. فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر النجم سجد .. وسجد كل من حضر من مسلم أو مشرك .. غير أن الوليد بن المغيرة وكان شيخاً كبيراً رفع ملء كفيه تراباً فسجد عليه .. فعجب الفريقان كلاهما من جماعتهم فى السجود بسجود رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فأما المسلمون فعجبوا لسجود المشركين معهم على غير إيمان ولا يقين .. ولم يكن المسلمون سمعوا الذى ألقى الشيطان على ألسنة المشركين .. وأما المشركون فأطمأنت أنفسهم إلى النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما ألقى فى أمنية النبى صلى الله عليه وسلم .. وحدثهم الشيطان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرأها فى السجدة .. فسجدوا لتعظيم آلهتهم .. وفشت تلك الكلمة فى الناس .. وأظهرها الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة] إهـ ..

وأوردها كذلك إبن أبى حاتم من طريق محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن إبن شهاب الزهرى ..

ثالثاً: تفجير ونسف هذه القصة من أساسها ..
  

أن الحابكين لها جعلوا قراءة سورة النجم ونزول آية الحج سبباً لرجوع المهاجرين إلى الحبشة (أى الهجرة الأولى) فى السنة الخامسة من البعثة .. وما نزلت سورة النجم إلا بعد العام العاشر من البعثة بعد حادثة الإسراء والمعراج أى قبل الهجرة بعام كما قال القاضى عياض فى الشفا .. وكان نزول آية الحج فى المدينة .. ومن غير المعقول أن يكون سبب رجوع المهاجرين إلى الحبشة فى السنة الخامسة هو نزول سورة النجم فى السنة العاشرة .. !!!


رابعاً: سياق آيات سورة النجم ذم هذه الأصنام بوضوح وصراحة ..
 
يقول تعالى: [إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى] ..
[النجم: 23] ..
وغنى عن البيان أنه صلى الله عليه وسلم تلاها جملة واحدة ..
فكيف يثنى على الأصنام ثم يذمها ثم يسجد المشركون مع ذلك .. ؟!



خامساً: سياق الآيات فى سورة الحج يتناول عداوة حزب الشيطان للأنبياء والرسل كلهم على مدى التاريخ البشرى كله ..

  

يقول تعالى: [وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ] .. [الحج: 51] ..

ثم يقول: [وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ] إهـ ..
ويبين تعالى هذا المعنى فى قوله: [وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ .. وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ] .. [الأنعام: 112-113] ..

ويقول تعالى: [وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ] .. [الأنعام: 121] ..

وهذا هو معنى الآية الواردة فى السورة ..


والإلقاء هو الوحى .. فقد ورد فى الحديث: إن روح القدس نفث فى روعى ..

أى أوحى وألقى .. وفى رواية:
إن الروح الأمين قد ألقى فى رُوعى: أنه لن تموت نفس .. حتى تستوفى رزقها .. فأجملوا فى الطلب ..

والإلقاء قد يكون على الألسن أو فى الأسماع أو فى الصدور ..

وهذا كله جائز ومحتمل ..


فشياطين الجن يلقون إلى شياطين الإنس بالشبهات والأباطيل فى أمانى الأنبياء والرسل .. أى آيات الله تعالى .. ليجادلوا أهل الحق .. فيجعل الله تعالى مما يلقى الشياطين فتنة للمنافقين والكافرين .. ثم يقذف الله بالحق على الباطل فيزهقه .. وهذا هو معنى النسخ أى المحو والإزالة .. ثم يُحكم الله آياته فى صدور المؤمنين فلا يتطرق إليها الباطل ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ


(*) ورد فى نصب المجانيق عن رواية سعيد إبن جبير عن إبن عباس: [وهكذا أخرجه الواحدى فى أسباب النزول من طريق أخرى عن سعيد بن حسن .. وقد روى موصولاً عن سعيد ولا يصح .. رواه البزار فى مسنده عن يوسف بن حماد عن أمية بن خالد .. عن شعبة .. عن أبى بشر .. عن سعيد بن جبير .. عن إبن عباس .. فيما أحسبه [الشك فى الحديث] أن النبى صلى الله عليه وسلم قرأ بمكة سورة (النجم) حتى إنتهى إلى قوله: (أفرءيتم اللات والعزى) .. (النجم : 19) .. وذكر بقيته .. ثم قال البزار: (لا نعلمه يروى متصلاً إلا بهذا الإسناد .. تفرد بوصله أمية ابن خالد وهو ثقة مشهور .. وإنما يروى هذا من طريق الكلبى عن أبى صالح .. عن إبن عباس كذا فى تفسير ابن كثير)] إهـ ..

قلتُ: هذه الرواية المرسلة التى صححها إبن حجر رواية ضعيفة .. فيها أمية بن خالد .. وقد ذكره العقيلى فى الضعفاء .. وكذلك أورده أبو العرب القيروانى فى الضعفاء .. ونقل عن الأثرم أنه سأل أحمد عنه فلم يحمده فى الحديث .. والجرح مقدم على التعديل .. علاوة على الشك فى نسبة الرواية لإبن عباس أصلاً .. فهو ضعف على ضعف على ضعف ..

كما أن الثابت عن إبن عباس فى سجدة سورة النجم:
[سجد النبى صلى الله عليه وسلم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس] .. [رواه البخارى] ..
وليس فيه هذه الزيادة المنكرة ..

وهذا يؤكد ما ذهب إليه القاضى عياض أن هذا الأثر لم يخرجه أحد من أهل الصحة بل هو مُعارض ..

****************************************************


فينسخ الله ما يلقى الشيطان


***************************************************************

يقول الله تعالى فى كتابه العزيز: [وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ .. وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ .. لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيد] .. [الحج: 52-53] ..

ورد فى تفسير هذه الآية الكريمة أن الشيطان ألقى فى تلاوة النبى صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ سورة النجم قوله: تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى ..

وأن جبريل صلى الله عليه وسلم أنكر تلك العبارة وحزن النبى صلى الله عليه وسلم لذلك ..

وقد رد هذه القصة الأئمة إبن كثير والشوكانى وإبن حزم وإبن خزيمة سنداً ومتناً لثلاثة أسباب:


(1) لأنها رويت مرسلة والمرسل من جملة الضعيف ..
(2) لأن النبى صلى الله عليه وسلم معصوم عن ذلك بنص القرآن ..
(3) لأن هذا يخالف صريح الكتاب العزيز ..


يقول الله تعالى فى كتابه العزيز: [وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى] .. [النجم: 3] ..
ويقول تعالى: [وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ] .. [الشعراء: 210-211] ..

وقد ذكر الإمام إبن حجر أنه قد يكون للقصة أصلاً ..

وقد روى عن الإمام الشافعى أنه قال: أن أصح كتاب فى المغازى هو كتاب موسى إبن عقبة ..

وقد روى فيه عن إبن شهاب الزهرى فى تفسير هذه الآية أنه قال: [وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اشتد عليه ما ناله هو وأصحابه من أذاهم وتكذيبهم وأحزنته ضلالتهم وكان يتمنى هداهم .. فلما أنزل الله عز وجل سورة النجم قال: (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) ألقى الشيطان عندها كلمات حين ذكر الله عز وجل آخر الطواغيت فقال: (وإنهن الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لهى التى ترتجى) .. وكان ذلك من سجع الشيطان وفتنته .. فوقعت هاتان الكلمتان فى قلب كل مشرك بمكة .. وزلت بها ألسنتهم وتباشروا بها .. وقالوا: إن محمداً قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه .. فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر النجم سجد .. وسجد كل من حضر من مسلم أو مشرك .. غير أن الوليد بن المغيرة وكان شيخاً كبيراً رفع ملء كفيه تراباً فسجد عليه .. فعجب الفريقان كلاهما من جماعتهم فى السجود بسجود رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فأما المسلمون فعجبوا لسجود المشركين معهم على غير إيمان ولا يقين .. ولم يكن المسلمون سمعوا الذى ألقى الشيطان على ألسنة المشركين .. وأما المشركون فأطمأنت أنفسهم إلى النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما ألقى فى أمنية النبى صلى الله عليه وسلم .. وحدثهم الشيطان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرأها فى السجدة .. فسجدوا لتعظيم آلهتهم .. وفشت تلك الكلمة فى الناس .. وأظهرها الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة] إهـ ..

ويستخلص من هذه الرواية ما يلى:


(1) أن الشيطان ألقى فى أسماع المشركين هذه العبارة ..
(2) أن المسلمين لم يسمعوا النبى صلى الله عليه وسلم يقرأها ..
(3) أن المسلمون تعجبوا من سجود المشركين معهم على غير إيمان ولا يقين ..

وهذه الرواية متوافقة مع منطوق الآية ولا تتعارض مع نص الكتاب العزيز .


أخيرا كيف يدعوا رسول الله

بالكفر بالأوثان ثم تأتى لتقول لنا أن شفاعتهن لترتجى  ؟



اذا كان المتكلم مجنونا فالمستمع عاقل" فهل يعقل مخلوق هذا الكلام

والله يا أخى اذا كان هذا هو ما بجعبة أعداء هذا الدين فهذا فى ذاته أكبر دليل على أنه دين الله الحق

اللهم لك الحمد على نعمة الاسلام
نسف قصة غرانيق العلا
100out of 100 based on 100 ratings. 100 user reviews.
 
إدارة الموقع : إعلن هنا | إعلن هنا | إعلن هنا
جميع الحقوق محفوظة © 2019. الداعى الى النور
برمجة وتعريب وتطوير مواقع \محمدالسيسي